الآن وقد استعرضنا بقدر من الإجمال والإيجاز بعض جوانب التحول التاريخي العظيم، الذي أحدثته الانتفاضة المباركة في المعركة الدائمة بين أمة التوحيد المصطفاة، والأمتين اللتين أوتيتا الكتاب قبلنا فنبذتاه - ما الذي يجب علينا أن نفعله؟!
الآن وقد أخذت علامات النصر تلوح، وبدأ جيل التيه في الانقراض، وجيل الجهاد يترعرع - هل نحتاج إلى القول بأن نصرة إخواننا المرابطين على ثغر الجهاد في الأرض المقدسة واجب متعين على كل قادر بكل ما يستطيع؟
أحسب أن هذا ما لا يحتاج إلى استدلال .. بل إلى عمل وامتثال بأن تتحول المشاعر الجياشة إلى برامج عملية.
إن الله تعالى اختارهم ليكونوا أداة انتقامه من أعدى أعدائه، ومن هنا فإن أمل الأمة معقود - بعد توفيق الله وتأييده - على هذا الشعب الصابر المجاهد؛ ليكون النواة لاجتماع الأمة على ثغور الجهاد لإعلاء كلمة الله وتجديد الدين.
إن تجربتهم متميزة وثرية، وجدير بالعمل الإسلامي التجديدي أن يفيد منها في كل مجال:
1- في منهجية الإعداد والمقاومة.
2- في منهجية التعامل مع العدو الداخلي (السلطة والأحزاب).
3- في منهجية التفاعل مع كافة فئات المجتمع.
4- في العلاقة مع الأنظمة العربية والعالم.
كيف استطاعوا في عالم معقد يضج بالتناقضات، ومحيط متقلب الولاءات، وهم في بؤرة الأحداث العالمية يوميا - أن يشقوا طريقهم، ويجمعوا قلوب الأمة على هدف واحد، وتصبح الكلمة التي يقولها أحد قادتهم موضع اهتمام العالم كله، وتفوق مصداقيتها كل ما يقوله غيرهم من رؤساء وزعماء.
إن هذه المكاسب التي يعترف بها العدو ويفخر بها الصديق لم تأت -بعد توفيق الله - إلا بجهود رجال على مستوى من القيادة والمسئولية، أوتوا قسطاً كبيراً من التجربة، وتربوا من أصلهم على منهج متميز.
والواجب الآن يقتضي منهم ومن الأمة من ورائهم أموراً أهمها:
1- أن تستمر الانتفاضة فلا تقف.
2- أن تقوى فلا تضعف.
3- أن تكون أكثر استقامة على الكتاب والسنة ومنهاج السلف.
إن على الأمة الإسلامية أن تعرف للانتفاضة قدرها وفضلها في صرف طوفان العولمة عنها، وهو طوفان لم يكن ليبقي ولا يذر، فقبيل الانتفاضة كانت الحكومات قد شرعت في التنازل عن سيادتها في كثير من المجالات، ورجال الأعمال أصبحوا مهددين بأن تبتلعهم الحيتان الكبيرة. والمجتمعات عامة تتعرض لثورة ثقافية واجتماعية ماحقة تجعل الدعاة لا يدرون ما يفعلون.
لقد أصبحت الانتفاضة المباركة رمزاً عالمياً للصمود في وجه الطغيان الجارف، وهذا ما أدركه رافضو العولمة في أوروبا وأمريكا. فسمّوا مظاهراتهم واحتجاجاتهم "انتفاضة"!!
لهذه الأمور وغيرها يجب على الأمة كلها أن تنصر الانتفاضة وتدعم مسيرتها:
الحكام الذين يخافون أن تزول عروشهم، وتقسم بلادهم، ولم يبق لديهم من أوراق المساومة شيء بعدما قدموا كل شيء !!
ورجال المال والأعمال الذين يخافون أن تذهب أموالهم في مهب الريح، ويسيطر اليهود وأتباعهم عليهم في عقر دارهم، وهم لا يملكون أن يعملوا شيئاً.
والدعاة الذين يهمهم أن تظل الأمة قائمة على دين الله ساعية لتحكيم شريعته، ترتقي من مرحلة إلى مرحلة بحكمة وثقة.
والشعوب التي ترفض أن تذوب وتصبح خدماً للمغضوب عليهم والضالين.
على هؤلاء جميعا أن يكونوا على قدر الواجب ومستوى المسئولية.
وألاَّ يمنُّوا على إخوانهم المرابطين بشيء، فالمنة لله ولرسوله، ثم لمن بذل نفسه وماله لله دفاعاً عن دين الأمه ودنياها.
يبقى أن يقال: كيف ننصرهم؟ وماذا في وسعنا أن نقدم لهم؟
فنقول: لقد كفانا إخواننا هذا الشأن، فقد وضعوا لكل شيء خطته ومؤسساته وأساليبه، وهم حاضرون في كل بلد تقريباً، عاملون في كل ميدان، فما علينا إلا أن نقدم لهم أنفسنا ونعرّفهم بما في وسعنا، وهم سوف يوجهوننا إلى الثغرة التي تبتغي سداداً.
ولا أقل من أن ندعو لهم كل حين، ونربي أبناءنا على حبهم ونصرتهم، وأن ندافع عن قضيتهم في كل وسيلة ممكنة، وأن نألم لآلمهم ونفرح لفرحهم، ونزف للأمة بشائر انتصاراتهم فهي أحوج شيء إلى الثقة والأمل، لاسيما في هذه الأيام العصيب.
ولكي لا أكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، أو ممن يستأثر بالبر عنهم، رأيت أن أقترح على نفسي وإخواني القراء الكرام مشروعاً هو من أدنى الواجب علينا وهو "مشروع كفالة طفل فلسطيني".
وسبب هذا الاقتراح هو ما قرأته في تقرير وكالة غوث اللاجئين عن حال إخواننا هناك، وصدّقه عندي وزاد عليه إخواننا الحجاج، إنها حال تبعث الأسى، وتقض المضجع، وتقتضي المبادرة اليوم قبل غد. إن الحصار الظالم، وفرض حظر التجول مع القتل والاعتقال والمداهمات، ونسف البيوت، وتدمير المزارع، وتحطيم البنية الأساسية للمجتمع الفلسطيني، وغير ذلك من أعمال الإرهاب والإجرام الشارونية - قد جعلت أوضاع إخواننا في الأرض المقدسة في غاية الفقر والشدة، فلولا ما آتاهم الله من الصبر والتكافل لانتهى أمرهم منذ حين.
وإليكم تفصيل المشروع :-
- كفالة الطفل الواحد بالحد الأدنى (400 دولار ) أي (1500ريال ) في السنة.
- ترسل المبالغ إلى حساب رقم (25/2) فرع (458) بشركة الراجحي المصرفية، وهو باسم ابني عبد الرحمن.
- نرجو من الإخوة المحسنين إذا أرسلوا المبالغ أن يرسلوا لنا عناوينهم على ناسوخ (فاكس ) (6935656 -02) لكي نرسل لهم استمارة معلومات عن الطفل المكفول بغرض استمرار الكفالة سنوياً لمن يقدر على ذلك، ولكي يتابعوا بأنفسهم أحوال الطفل متى شاءوا.
أخي المحسن! إن من الوسائل التي تعينك على هذا العمل: أن تتعاون أنت وأسرتك أو بعض أقاربك وزملائك في العمل عليه ولكلٍّ أجره بإذن الله.
أخيراً: إخواني! إن (400) ألف دولار سنوياً ليس بالمبلغ الصعب، فليت كل داعية أو خطيب أو مجموعة منهم في كل مدينة أو محافظة أو قطاع عمل أو قبيلة...يقومون بجمعه ويكفلون به ألف طفل من إخواننا الصابرين المجاهدين. أوصيكم بهذا وأدع التفاصيل التنفيذية لكم.
هذا، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم أعمالنا وأقوالنا، وأن يقر أعيننا بنصرة ديننا، وأن يكف بأس الذين كفروا، والله أشد بأسا وأشد تنكيلاً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سفر بن عبد الرحمن الحوالي
مكة
في 2/1/1424هـ.